يوسف أحمد الكعبي
في وقتٍ تنشغل فيه الكتل السياسية العراقية بالاستعداد للانتخابات المبكرة، وتتنافس على تقاسم الكعكة السياسية تحت شعارات مكررة عن "الإصلاح" و"محاربة الفساد" "والاعمار" يختار زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر العزلة السياسية والمقاطعة العلنية والانتقاد مع استمرار حضوره المؤثر عبر تغريداته اللاذعة وانتقاداته الحادة لمنظومة الحكم والمفسدين.
الكتل السياسية.. حمى انتخابات ومصالح ضيقة
منذ الإعلان عن موعد الانتخابات المقبلة بدأت الأحزاب حملاتها الترويجية المبكرة متناسيةً ما يعانيه الشعب العراقي من فقر، وبطالة، وتردٍّ في الخدمات. الخطابات الطنانة تُعاد دون تغيير حقيقي، فيما لا تزال ذات الوجوه تحاول إعادة إنتاج نفسها، في مشهد يفتقر إلى الثقة والمصداقية أمام الشارع الغاضب..
الصدر.. انسحاب لا يعني السكوت
في المقابل، يواصل السيد مقتدى الصدر اتباع سياسة "المقاطعة النشطة". فمنذ أن أعلن انسحاب كتلته من البرلمان، بعد فوز تاريخي بـ73 مقعدًا في الانتخابات السابقة وهو الرقم الأعلى على مدار السنين لم يتوقف عن توجيه انتقادات نارية للنظام السياسي فقد ترك الصدر السلطة وملذات الحكم برغبته ، في موقفٍ وصف بأنه تضحية من أجل مصلحة العراق وشعبة وهو ما لا يمكن توقعه من خصومه الذين يتمسكون بالمناصب حتى الرمق الأخير..
رسائل حادة.. من سـ يسائل الفاسدين؟
في أحدث تغريداته، توجّه الصدر بأسئلة صادمة إلى القوى السياسية:
أيّ منكم قادر على تقوية الجيش والشرطة وسيادة الدولة
أيّ منكم يملك الجرأة على كشف الفاسدين؟
أيّ منكم يقدر على دمج الحشد الشعبي ضمن مؤسسات الدولة؟"
أسئلة وضعت الأحزاب في زاوية ضيقة، وكشفت عجزها عن تنفيذ المهام الأساسية للدولة كما لم يتردد الصدر في انتقاد سياسة توزيع ثروات العراق على الخارج، بينما "ينتهش الجوع والفقر" أبناء الشعب، معتبرًا ذلك خيانة لعدالة التوزيع وسيادة الوطن.
الصدر.. زعيم سياس بحنكة وقراءة دقيقة
يمتلك مقتدى الصدر قدرة فريدة على فهم تفاصيل المشهد السياسي العراقي وتوازناته الداخلية والخارجية فهو لا يتحرك بعشوائية بل يدرس خطواته بدقة ويطلق مواقفه في توقيتات محسوبة وقد أثبت مرارًا أنه ليس مجرد زعيم تيار بل صاحب مشروع وطني مصلح يهدف إلى تصحيح المسار، لا تقاسم السلطة..
جمهور لا يُستهان به ..
رغم انسحابه من البرلمان، لا يزال الصدر يحتفظ بقاعدة شعبية جماهيرية واسعة ومنظمة، قادرة على التحشيد والنزول إلى الشارع خلال ساعات بتغريدة واحدة جمهور مجاني مخيف رقمًا وعددًا يثق بقراراته، ويعتبره المدافع الأول عن الفقراء والمحرومين وقد شكّل في أكثر من مناسبة عنصر ضغط حقيقي غيّر موازين القوى داخل الدولة..
ماذا لو عاد الصدر؟
إذا قرر السيد مقتدى الصدر العودة إلى الانتخابات، فإن الساحة السياسية ستشهد زلزالًا مرعبًا :
1. عدد المقاعد: من المتوقع أن يحصد عددًا أكبر من السابق، مستفيدًا من شعبيته ومن إخفاقات الحكومة الحالية.
2. المحاسبة: لن يكتفي بالانتقاد، بل سيدفع نحو محاكمات ومحاسبة حقيقية للفاسدين.
3. تشكيل الحكومة: سيطالب بحكومة وطنية من المستقلين، ويبتعد عن المحاصصة والطائفية.
4. رد فعل الخصوم: سيتعاملون مع عودته كتهديد وجودي، وقد يسعون لعرقلتها.
خلاصة القول
الصدر لا يشبه سواه؛ حين امتلك القوة السياسية، تنازل عنها. وحين انسحب، لم يسكت. لا يزال يرسم حدود اللعبة بتغريدة، ويقلب الموازين بكلمة.
وإذا قرر العودة، فلن تكون عودة انتخابية فقط، بل عودة شاملة تهدف إلى تصحيح المسار، وكشف الفساد، واستعادة الدولة من بين أيدي العابثين.