في مثل هذه الأيام قبل أحد عشر عاماً، سقط الليل على سنجار ثقيلاً، حاملاً معه أبشع مشاهد الإبادة التي عرفها العصر الحديث ، اجتاح تنظيم داعش أرض الإيزيديين، فحوّل بيوتهم إلى أطلال، وأحلامهم إلى رماد، وأجساد نسائهم وأطفالهم إلى رهائن في سوق النخاسة.
في ساعات قليلة، تغيّر كل شيء رجال قُتلوا بدم بارد، نساء اغتُصبن وبيعن كسلع، وأطفال اقتُلعوا من حضن أمهاتهم ليُغسَلوا بأيدٍ سوداء من الكراهية ،جع لم تكن تلك الجريمة حرباً عابرة، بل كانت محاولة مدروسة لمحو هوية شعب واقتلاع جذوره من الأرض التي عاش عليها منذ آلاف السنين.
التهجير القسري لم يكن مجرد نزوح، بل اقتلاع من الروح قبل الجسد، عائلات كاملة وجدت نفسها في مخيمات البؤس، محاطة بالبرد والجوع والخذلان، تبحث عن أمان مفقود وعدالة غائبة، الإيزيديون، حتى اليوم، يعيشون بين أنقاض الذاكرة، في انتظار عودة مفقودين ودفن شهداء لم يُدفنوا بعد.
إحدى عشرة سنة مرّت، لكن الدمعة ما زالت حاضرة، والصرخة ما زالت عالقة في الحلق، والعدالة ما زالت طريقاً طويلاً لم يُسلك بعد ، الجرح مفتوح، الإبادة وصمة على جبين الإنسانية، حتى يُحاسَب القتلة ويعود الحق إلى أصحابه.
هذه ليست ذكرى لحدثٍ مضى، بل نداء حي ، الإيزيديون ليسوا صفحات في كتاب التاريخ، بل بشر ما زالوا ينزفون ومن العار أن يبقى العالم صامتاً.