تقرير-حوراء هادي
مع اقتراب عيد الفطر المبارك، الذي ينتظره الناس كل عام ليكون محطة للفرح والتسامح ولمة العائلة، تأتي هذا العام غيوم الأزمة الاقتصادية لتثقل كاهل الفقراء وتجعل من العيد عبئاً جديداً لا مناسبة للفرح، ارتفاع سعر الدولار المستمر بات شبحاً يلاحق الأسر البسيطة، يقلب حساباتهم اليومية، ويجعل أحلامهم البسيطة بالاحتفال بالعيد رفاهية يصعب بلوغها.
في الأسواق، المشهد بات واضحاً؛ الأسعار تشتعل وكأنها تسابق الوقت، والسلع التي كانت في متناول اليد أصبحت بعيدة المنال.. كيلو السكر الذي كان رمزاً بسيطاً لتحضير كعك العيد، صار اليوم رقماً يرهق ميزانية الأسرة الزيت، الأرز، اللحوم… كلها ارتفعت حتى بدت وكأنها ترفاً لا ضرورة أما محلات الملابس، فقد تحولت إلى واجهات للفرجة فقط، يقف أمامها الأطفال بعيون متلهفة، وقلوبهم الصغيرة تتساءل: هل سنفرح بالعيد مثل غيرنا؟
حلويات العيد أيضاً، تلك التي كانت جزءاً من ذاكرة الطفولة وبهجة الصباح الأول للعيد، باتت غائبة عن كثير من الموائد الأسعار ارتفعت بشكل جنوني، والنتيجة أن كثيراً من الأمهات قررن هذا العام الاستغناء عنها أو الاكتفاء بالقليل.
وراء كل هذا المشهد، رب أسرة يكتم تنهيدته، يحسب ويفكر، كيف يمر العيد دون أن يشعر أطفاله بالحرمان؟ كيف يصنع لحظة فرح بسيطة لا تكلف الكثير لكنها تترك في قلوبهم ذكرى طيبة؟ لكنه يصطدم بحقائق موجعة، فكل شيء بات مكلفاً، والراتب الضئيل يتبخر بين الحاجات الأساسية.
المشكلة الأكبر أن هذه الأزمة لم تعد مجرد ضائقة مالية عابرة، بل تحولت إلى عبء نفسي واجتماعي حقيقي. الفجوة بين الطبقات تتسع، والاحتفال بالعيد أصبح امتيازاً للطبقات الميسورة، بينما الفقراء ينظرون من بعيد، يحاولون جاهدين أن يصنعوا بهجتهم الخاصة، ولو بالقليل.
في مواجهة هذا الواقع القاسي، تظهر الحاجة الملحة لتحرك سريع من الدولة والمجتمع معاً مبادرات خيرية، معارض بأسعار مخفضة، دعم مباشر للأسر الأشد فقراً… أيادي تمتد لتخفف عن هؤلاء وطأة الأزمة، وتعيد للعيد شيئاً من معناه وبهجته.
ورغم كل شيء، يظل الأمل حاضراً. فالعيد، وإن ضاق بالناس الحال، يبقى فرصة لتجديد الروح، ومناسبة للتكافل والتراحم وربما يكون أجمل ما فيه هذا العام، تلك اللحظات التي يجتمع فيها الناس على أبسط الأشياء، لكن بقلوب مليئة بالمحبة والنية الصافية، متشبثين بفرحة العيد ولو من بين ركام الأزمة.
#بغداد_الاخبارية#شهر_رمضان#عيد_الفطر