بغداد- خاص (وكالة بغداد الاخبارية)- تتكرر الادعاءات بأن الإسلام، وتحديدًا الفقه الشيعي، يشجع على زواج القاصرات، وهي مزاعم تفتقر إلى الدقة العلمية والدينية. في الواقع، الإسلام يحدد البلوغ البيولوجي كشرط لنضوج الإنسان، لكنه لا يعادل ذلك بالحث على الزواج المبكر.
قراءة خاطئة للنصوص الدينية
يستند البعض إلى فتاوى أو تفسيرات فردية للدعوة إلى خفض سن الزواج، لكن هذا لا يمثل حقيقة الإسلام أو الفقه الشيعي. يقول الباحث الإسلامي، د. عبد الكريم الحسني: "البلوغ البيولوجي شرطٌ للنضوج، لكنه ليس دعوة للزواج، بل هو أحد المعايير التي تراعيها الشريعة الإسلامية ضمن منظومة متكاملة تشمل الكفاءة، القدرة النفسية، والمصلحة المجتمعية".
العراق: قوانين مدنية تحفظ حقوق القاصرات
في العراق، يعتبر قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959 من أكثر القوانين تقدمًا في المنطقة، حيث يحدد سن الزواج بـ18 عامًا كقاعدة عامة، مع استثناءات تخضع لإجراءات صارمة تهدف إلى حماية حقوق القاصرات. ويرى الناشط القانوني، أحمد الربيعي، أن "محاولات خفض سن الزواج إلى 15 عامًا أو أقل ليست سوى استجابة لعوامل اجتماعية واقتصادية، وليس لاعتبارات دينية أو مذهبية".
الفقر والعوامل الاقتصادية
تشير الدراسات الاجتماعية إلى أن الفقر والضغوط الاقتصادية هما الدافع الرئيسي وراء زواج القاصرات. منظمة "إنقاذ الطفولة" كشفت في تقريرها لعام 2023 أن "التحديات الاقتصادية تؤدي إلى زيادة حالات الزواج المبكر، حيث تلجأ الأسر الفقيرة إلى تزويج بناتها لتخفيف الأعباء المالية".
لبنان: الحاجة إلى قانون مدني موحد
أما في لبنان، فتستمر الدعوات لتوحيد قوانين الأحوال الشخصية بقانون مدني شامل يحمي حقوق النساء والأطفال. المحامية والناشطة، ليلى العوض، تؤكد أن "الطوائف المختلفة في لبنان، بما فيها الطائفة الشيعية، تعتمد على تفسيرات متنوعة، لكن الجهود المبذولة تهدف إلى تعزيز حماية القاصرات من الاستغلال".
تفنيد فكرة التشجيع على زواج القاصرات
من المغالطات الشائعة ربط زواج القاصرات بفتوى سابقة للإمام الخميني "قده"، وهو ادعاء يفتقر إلى سند تاريخي أو قانوني. الفقيه الشيعي، السيد علي الموسوي، يقول: "الفقه الجعفري لا يشجع على زواج القاصرات بل يعتبر الزواج قرارًا يستوجب النضج العقلي والجسدي، بما يحقق مصلحة الفتاة والمجتمع".
قصص نجاح في مواجهة الظاهرة
رغم وجود حالات زواج مبكر في بعض المناطق، إلا أن هناك جهودًا مجتمعية ملموسة لمكافحة هذه الظاهرة. في محافظة النجف، مثلاً، نظمت منظمات حقوقية حملات توعية شملت ورش عمل للأسر والشباب، أدت إلى تراجع ملحوظ في عدد حالات الزواج المبكر.
الخلاصة
زواج القاصرات ليس ظاهرة دينية بل قضية مجتمعية مرتبطة بالفقر والجهل والعوامل الثقافية. الإسلام، بما فيه الفقه الشيعي، لا يشجع على هذا النوع من الزواج، بل يدعو إلى حماية حقوق الإنسان وضمان حياة كريمة للفتيات. ويتطلب الأمر قوانين صارمة وإجراءات توعوية للحد من هذه الظاهرة وتأمين مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
#زواج_القاصرات
#حقوق_المرأة
#حقوق_الطفل
#العدالة_الاجتماعية