كتب : المحرر السياسي
يعقد المجلس السياسي الوطني، الذي يضم القوى والأحزاب السنية، اجتماعاً جديداً في محاولة إضافية لحسم ملف اختيار رئيس مجلس النواب العراقي، في وقت ما تزال فيه حالة التباين والانقسام تلقي بظلالها على المشهد داخل البيت السني، ما يؤجل البتّ في أحد أبرز الاستحقاقات الدستورية في البلاد.
ويأتي هذا الحراك في توقيت حساس، تتشابك فيه المفاوضات الخاصة برسم ملامح المرحلة المقبلة مع ترتيبات توزيع المناصب السيادية، وسط تحذيرات من تجاوز المدد الدستورية والدخول في حالة فراغ سياسي جديدة قد تنعكس سلباً على مجمل العملية السياسية.
وتشير المعطيات إلى أن الاجتماع يهدف إلى تقليص هوة الخلاف بين الأطراف المشاركة، سواء عبر الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة البرلمان أو طرح أكثر من اسم ضمن سلة التفاهمات السياسية الأشمل، إلا أن النقاشات ما تزال مفتوحة، ولم تصل بعد إلى مستوى يضمن الحسم النهائي، في ظل استمرار المداولات وتباين وجهات النظر.
وتبرز إشكالية تعدد المرشحين كأحد أبرز عوائق التوافق، إذ تمتلك أغلب القوى المشاركة أسماء مطروحة للمنصب، ما يزيد من تعقيد عملية الاختيار، ويجعل الوصول إلى مرشح يحظى بإجماع أو شبه إجماع أمراً صعباً في ظل تداخل الحسابات السياسية والأوزان البرلمانية.
وفي مقابل هذا التباطؤ، تبدو قوى سياسية أخرى أكثر تقدماً في ترتيب ملفاتها الداخلية، لا سيما ما يتعلق بالمناصب التنفيذية، الأمر الذي يضع القوى السنية أمام ضغط الوقت، ويجعل تأخرها في حسم رئاسة البرلمان عاملاً مؤثراً في موقعها التفاوضي خلال المرحلة المقبلة.
وتتركز الحوارات الجارية حالياً على وضع الإطار العام والمبادئ التي ستُبنى عليها التفاهمات السياسية المقبلة، دون الدخول رسمياً في تفاصيل توزيع المناصب أو التداول العلني بالأسماء، في محاولة لتفادي تعميق الخلافات قبل تثبيت أرضية مشتركة، على أن تُطرح الملفات الحساسة في مراحل لاحقة.
ويرى مراقبون أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى تعطيل الاستحقاقات الدستورية الأخرى، إذ إن تأخر انتخاب رئيس مجلس النواب سينعكس على باقي المسارات السياسية، بدءاً من انتخاب رئيس الجمهورية، وصولاً إلى تكليف رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة.
وفي ظل هذا المشهد، تعود معادلة “التوافق السياسي” لتفرض نفسها مجدداً كخيار حاكم للعملية السياسية، حيث تُحسم المناصب الكبرى وفق ميزان الأحجام والتفاهمات، وليس عبر معادلة أغلبية واضحة، الأمر الذي يجعل ملف رئاسة البرلمان خطوة أولى في سلسلة تسويات سياسية أوسع، لا تزال ملامحها النهائية غير واضحة حتى الآن.