تتزايد المخاوف في العراق من اتساع أزمة الرواتب مع استمرار ارتفاع الدين الداخلي، الذي تحوّل إلى أحد أبرز التحديات المالية التي تواجه الحكومة خلال المرحلة الحالية. إذ تعتمد الموازنة العراقية بشكل كبير على الإيراد النفطي، بينما تستهلك الرواتب والدعم والإعانات الجزء الأكبر من النفقات، ما يجعل أي اهتزاز في أسعار النفط أو زيادة في الالتزامات المالية سببًا مباشرًا في تعقيد مشهد التمويل.
وبحسب مختصين في الشأن الاقتصادي، فإن تراكم الديون الداخلية خلال السنوات الماضية جاء نتيجة لجوء الحكومات المتعاقبة إلى الاقتراض من المصارف الحكومية وبيع السندات لتغطية العجز، ما قلّص مرونة الموازنة وأضعف قدرة الدولة على تمويل المشاريع الاستثمارية أو خلق فرص عمل جديدة. وتشير التحليلات إلى أن جزءًا كبيرًا من الإيرادات بات يذهب لسداد هذه الالتزامات، الأمر الذي يرفع الضغوط على الحكومة في ملف الرواتب.
هل تتمكن الحكومة من تأمين الرواتب؟
رغم التعقيدات، يرى مراقبون أن الحكومة ما زالت قادرة على تأمين الرواتب الشهرية في المدى القريب، اعتمادًا على الاستقرار النسبي في مبيعات النفط وتحركها للاستفادة من أدوات التمويل الداخلي عند الحاجة. إلا أن هذا المسار يبقى مؤقتًا، ولا يُعد حلاً جذريًا، خصوصًا مع استمرار ارتفاع الدين المحلي واتساع حجم النفقات التشغيلية.
ويرجّح خبراء أن الحفاظ على انتظام الرواتب مستقبلاً يتوقف على قدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات مالية حقيقية، من بينها تنويع مصادر الدخل، وإعادة تنظيم القطاع العام، وتشجيع الاستثمار، وتقليل الاعتماد على الاقتراض لتغطية المصاريف الجارية.
وبينما تطمئن الحكومة الشارع بأن الرواتب مؤمّنة، يبقى القلق الشعبي قائمًا في ظل عدم وضوح مسار الإصلاح الاقتصادي وضعف الخطط طويلة الأمد، ما يجعل ملف الرواتب مرتبطًا بشكل مباشر بمدى قدرة الدولة على السيطرة على الدين الداخلي وإدارة مواردها بكفاءة أكبر.