السوداني يعود إلى طاولة الإطار… حين تكتب صناديق الاقتراع حدود الأدوار ومصائر الطموحات
كتب: المحرر السياسي
في المشهد العراقي المزدحمِ بالرسائل والإشارات، عاد رئيسُ الوزراء محمد شياع السوداني إلى اجتماع الإطار التنسيقي… لكن ليس بصفته صاحبَ السلطة التنفيذية، ولا بصفته الرجلَ الأول في الدولة، بل بصفته رئيسا لحزب تيار الفراتين. عودةٌ خالية من هالة المنصب، لكنها محمّلة بكل الدلالات التي رسمتها صناديق الاقتراع، وحددت بها سقف الحركة، ومساحة الطموح، وحدود الولاية.
فالإطارُ الذي أعلن نفسه الكتلةَ الأكبر لم يعد يتعامل مع المرحلة بمنطق المجاملة السياسية أو توزيع الأدوار، بل بمنطق التكليف الشعبي والمسؤولية التاريخية. ومن هنا، اكتمل المشهد: الإطار في موقع الزعامة… والسوداني في موقع الملتحق بما رسمته الأرقام، وبما أفرزه المزاجُ الانتخابي من توازنات لا تسمح بالذهاب بعيدا نحو حلم الولاية الثانية.
إن حضور السوداني على طاولة الإطار، بعد أن كشفت الانتخابات أحجام القوى بلا رتوش، حمل رسالةً لا تحتاج إلى شرح: أن الرجل بات جزءا من معادلة أكبر منه، وأن موقعه السياسي الجديد لم يعد يُقاس بموقعه السابق في السلطة، بل بوزن حزبه الحقيقي في الشارع.
ولعلّ اللحظة الفاصلة كانت حين قرر الإطار تشكيل لجنة لمقابلة المرشحين لرئاسة الحكومة. لحظةٌ قطعت الشك باليقين، وأغلقت باب التأويلات، وأسقطت آخر خيط كان يتمسّك به أنصار الولاية الثانية. فالمنصبُ لم يعد امتدادا لحكومةٍ مضت، بل أصبح عنوانا لمنافسة مفتوحة، تُعرض فيها السِيَر، وتُقاس فيها القدرات.
اليوم، يقف الإطار أمام مسؤولية اختيار رئيس وزراء جديد، في اختبار يعبر فوق كل الحسابات الصغيرة. اختبار يفتح الباب أمام أسماء أثبتت نفسها في العمل والإنجاز.
إنها مرحلة تعيد رسم حدود القوة، وتكتب بعين الناخب لا بيد الطامح.
ويُعاد فيها ترتيب المشهد بما يناسب حجم العراق… لا حجم الطموح الشخصي لأي فرد.
وما بين عودة خافتة، وطموح تلاشى، ومعادلة تُكتب من جديد… يتأكد أن العراق يدخل صفحة سياسية مختلفة، وأن الكتلة الأكبر لا تمنح الشرعية فقط، بل تمنح الاتجاه… وتحدد من يملك أهلية الجلوس في مقعد القيادة.