تمثل فصائل المقاومة في العراق محورًا جدليًا بين الموقف الأمريكي الداعي إلى حصر السلاح بيد الدولة ومواجهة نفوذ هذه الفصائل، وبين الخطاب الوطني الذي يعتبرها جزءًا من منظومة الدفاع عن السيادة ومكتسبًا من تضحيات العراقيين في مواجهة الإرهاب.
التهديدات الأمريكية المتمثلة بفرض عقوبات أو إدراج بعض الفصائل على لوائح الإرهاب تعكس سياسة تهدف إلى تقليص نفوذها السياسي والعسكري، وربما إلى إعادة رسم توازن القوى في الداخل العراقي بما يخدم مصالح واشنطن وحلفائها في المنطقة. وفي المقابل، ترى الفصائل أن هذه الضغوط تمس استقلال القرار العراقي، وتفتح الباب أمام هيمنة خارجية على مؤسسات الدولة وخياراتها الاستراتيجية.
تجد الحكومة العراقية نفسها بين مطرقة المطالب الأمريكية وسندان المواقف الداخلية؛ فهي مطالبة بضبط السلاح وتثبيت سلطة الدولة، وفي الوقت ذاته لا تستطيع تجاهل الشعبية والدور الذي لعبته هذه الفصائل في صد الإرهاب، فضلًا عن كونها جزءًا من المشهد السياسي.
إن جدلية العلاقة بين التهديدات الأمريكية ومفهوم السيادة الوطنية تعكس عمق الأزمة العراقية، حيث يتداخل البعد الأمني مع السياسي والإقليمي. ويبقى مستقبل فصائل المقاومة رهين قدرة الدولة على بناء معادلة متوازنة تحفظ السيادة، وتمنع التدخلات الأجنبية، وتضمن في الوقت ذاته استقرار الداخل العراقي.