يشهد العراق في السنوات الأخيرة مساعي متزايدة للانتقال من نظام الدفع النقدي التقليدي إلى اعتماد أنظمة الدفع الإلكتروني، سواء في الرواتب أو المعاملات التجارية والخدمية. هذه الخطوة جاءت نتيجة التوجهات الحكومية لمواكبة التطور العالمي وتقليل الاعتماد على الكاش الذي لطالما كان بيئة خصبة للفساد والتلاعب.
من الناحية الإيجابية، يسهم الدفع الإلكتروني في تعزيز الشفافية المالية من خلال تتبع حركة الأموال، مما يقلل من فرص التلاعب بالرواتب أو تضخيم أعداد المستفيدين الوهميين في شبكات الفساد. كما يساهم في تسهيل المعاملات اليومية للمواطنين، ويحد من مخاطر حمل الأموال النقدية وما يرتبط بها من سرقات أو فقدان.
إلا أن هذا التحول لا يخلو من التحديات. فالمواطن العراقي لا يزال يواجه ضعفًا في البنى التحتية التكنولوجية، إلى جانب مشكلات في انقطاع الإنترنت والأعطال المتكررة في أنظمة الصرافات والدفع. كما تثار تساؤلات حول قدرة بعض الفئات، خاصة كبار السن والفقراء، على التكيف مع هذه الوسائل الحديثة. أضف إلى ذلك المخاوف من الاحتكار أو استغلال شركات الدفع عبر فرض رسوم مرتفعة تثقل كاهل المستفيدين.
أمام هذه المعطيات، يبقى السؤال مطروحًا: هل يمثل التحول إلى الدفع الإلكتروني في العراق خطوة إيجابية جادة للحد من الفساد وتعزيز الشفافية، أم أنه قد يتحول إلى أداة جديدة تستغل بشكل سلبي إذا لم تُعالج المشكلات المرافقة له؟