تشهد الشوارع الرئيسة والتقاطعات في المدن العراقية انتشارًا متزايدًا لظاهرة التسول، حيث باتت أعداد المتسولين ملفتة للنظر، خصوصًا عند الإشارات المرورية وأماكن الازدحام. ورغم ما يظهر من ملامح الفقر والحاجة على بعضهم، إلا أن هذه الظاهرة لم تعد محصورة في حدود العوز، بل تحولت لدى كثيرين إلى أسلوب منظم للتكسب السهل.
التسول اليوم لا يقتصر على الأفراد الكبار في السن أو ذوي الإعاقة، بل يمتد ليشمل النساء والأطفال الذين يستغلهم البعض لتحقيق مكاسب مالية، الأمر الذي يثير القلق لما يحمله من أبعاد اجتماعية وأخلاقية. فقد ارتبطت هذه الظاهرة في بعض الأحيان بجهات منظمة تتخذها وسيلة لجمع الأموال بعيدًا عن رقابة القانون، ما يضاعف من خطورتها.
ويرى مختصون أن غياب الحلول الجذرية للفقر، وضعف فرص العمل، وعدم تطبيق القوانين الرادعة أسهم بشكل مباشر في تفشي التسول. كما أن تعامل بعض المواطنين مع المتسولين بدافع العاطفة يشجع على استمرار هذه الظاهرة بدل معالجتها.
إن مواجهة التسول تتطلب خطة متكاملة تشمل تشديد الرقابة في الشوارع، وتفعيل القوانين الخاصة بالمتسولين، إلى جانب فتح مراكز إيواء وتأهيل لاحتضان الفئات الهشة وتوفير فرص عمل للعاطلين. فالسكوت عن هذه الظاهرة لا يسيء فقط إلى صورة المدن العراقية أمام الزائرين، بل يهدد تماسك المجتمع ويجعل من الفقر تجارة علنية في وضح النهار.