في السنوات الأخيرة تصاعدت خطورة السلاح المنفلت في العراق، إذ أصبح وجوده خارج سيطرة الدولة يشكل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار. هذا الواقع أنتج بيئة خصبة لانتشار ظاهرة الدكات العشائرية التي تحولت إلى وسيلة لفض النزاعات بالقوة المسلحة بدلاً من القانون، الأمر الذي زاد من حدة التوترات المجتمعية وأضعف ثقة المواطن بمؤسسات الدولة.
ينعكس السلاح المنفلت على الحياة اليومية للمواطن بشكل مباشر، حيث تكفي مشكلة بسيطة بين أفراد أو عشائر لتتحول إلى نزاع مسلح يهدد حياة الأبرياء ويعطل حركة المدن والقرى. وتبرز هنا خطورة الدكات العشائرية التي تمنح شرعية اجتماعية لاستخدام السلاح في حسم الخلافات، لتكون الدولة الغائب الأكبر في مشهد يرسخ العرف على حساب القانون.
الأسباب التي تغذي هذه الظواهر متعددة، منها ضعف السيطرة الحكومية على منافذ السلاح وغياب الردع القانوني الحازم، فضلاً عن تراكم مشكلات اقتصادية واجتماعية تغذي النزاعات العشائرية. كما أن بعض القوى تسعى لاستثمار هذه البيئة الهشة لتعزيز نفوذها على حساب سلطة الدولة، وهو ما يعقد المعالجة أكثر.
التداعيات السلبية واضحة، فغياب الاستقرار الأمني يضر بالاقتصاد ويعيق الاستثمار، فيما تنتشر ثقافة العنف والانتقام على حساب ثقافة الحوار، ويشعر المواطن بعدم الأمان في ظل تكرار مشاهد إطلاق النار العشوائي والنزاعات المسلحة.
المعالجة تتطلب استراتيجية شاملة تبدأ بجمع السلاح غير المرخص ومحاسبة حيازته بشكل صارم، إلى جانب توفير بدائل قانونية وعادلة وسريعة لفض النزاعات. كما أن إشراك شيوخ العشائر في دعم سلطة القانون وتعزيز الوعي المجتمعي بخطورة استمرار هذه الممارسات يمثلان ركيزة مهمة لضمان نجاح أي خطة حكومية في هذا المجال.