شكّل وادي حوران في صحراء الأنبار واحداً من أعقد التحديات الأمنية التي واجهها العراق خلال السنوات الماضية، فقد تحوّل إلى معقل رئيسي لعصابات داعش الإرهابية، مستفيداً من طبيعته الجغرافية الوعرة وامتداده لمسافات طويلة جعلت منه ملاذاً حصيناً ومركزاً للتخطيط والتدريب وإطلاق العمليات ضد المدن والقرى العراقية.
عملية التحرير الأخيرة التي نفذتها القوات العراقية جاءت بعد جهد استخباري وعسكري متواصل، وأسفرت عن السيطرة الكاملة على الوادي وتفكيك بنيته التي اعتمد عليها التنظيم لسنوات. تميزت العملية بالدقة والتنظيم، حيث اعتمدت القطعات العسكرية على تطويق شامل، ونشر كاميرات حرارية، وإسناد جوي مستمر، فيما تولت وحدات النخبة اقتحام المناطق الأكثر وعورة.
الدور الأبرز في هذه المعركة كان للحشد الشعبي الذي نفذ عمليات تمشيط واسعة داخل عمق الوادي، وتمكن من تدمير أوكار ومعسكرات ومخازن سلاح، إضافة إلى تعقب الخلايا النائمة ومطاردة الفارين. مشاركة الحشد الشعبي أعطت زخماً ميدانياً كبيراً للعملية، إذ أمنت القوات المتقدمة وقدمت دعماً لوجستياً وقتالياً كان له أثر مباشر في سرعة الحسم.
تحرير وادي حوران لم يكن مجرد انتصار عسكري محدود، بل مثل تحولا استراتيجياً في معركة العراق ضد الإرهاب، لأنه أغلق صفحة أحد أخطر الممرات الصحراوية التي طالما شكلت تهديداً دائماً للأمن الوطني. وبجهود الجيش والحشد الشعبي والاستخبارات، استطاع العراق أن يثبت قدرته على مواجهة التحديات وحماية حدوده الغربية ومنع أي محاولة لإعادة إحياء فلول داعش في تلك المنطقة.