كتب: المحرر السياسي
تقترب الانتخابات المقبلة وسط تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية معقدة، وفي قلب هذه التحديات يبرز سؤال جوهري: كيف يتعامل المواطن مع صوته الانتخابي؟
إنّ بيع بطاقة الناخب مقابل مبالغ مالية أو وعود زائفة، لا يمثل مجرد فعل فردي، بل هو مشاركة عملية في إعادة إنتاج منظومة الفساد والفشل. فالمواطن الذي يبيع صوته، يمنح الفاسدين تفويضا جديدا للاستمرار في نهب المال العام، ويوقع بيده صكّا باستمرار الأزمات لأربع سنوات أخرى.
بطاقة الناخب ليست ورقة عادية، بل هي وثيقة سيادية وأمانة ثقيلة؛ التفريط بها يعني أن يبقى العاطل بلا عمل، والفقير بلا سكن، والبلد بلا كهرباء ولا ماء ولا خدمات. هي مسؤولية تتجاوز حدود الفرد إلى مسؤولية جماعية، لأن نتائجها تصيب الجميع بلا استثناء.
الأخطر من ذلك، أنّ بعض القوى السياسية تعيد تدوير نفسها عبر المال السياسي، فتغرق الأحياء الفقيرة والمحرومة بالمغريات النقدية والوعود السريعة، بهدف شراء الذمم وضمان الأصوات. هذه الممارسات لا تنتمي إلى الديمقراطية، بل إلى عقلية السوق السوداء، حيث يتحول الناخب إلى سلعة، وصوته إلى ورقة مقايضة.
لقد آن الأوان لأن يدرك الناخب العراقي أنّ التغيير الحقيقي يبدأ من صناديق الاقتراع، وأنّ المشاركة الواعية تعني إنتاج طبقة سياسية جديدة، تُحاسَب على برامجها، وتُدرك أن المواطن لن يمرّر خيبات جديدة.
العراق بحاجة إلى من يضع مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية، وإلى من “يتعاتب إذا قصّر”، لا من “يغلق هاتفه بوجه الناس” بعد فوزه.
إنّ الرهان اليوم ليس على السياسيين وحدهم، بل على وعي الناس وصمودهم أمام الإغراءات. فصوتك أمانة، لا تسمح أن يُشترى بثمن بخس، لأنه قد يحدد مصير بلد بأكمله.