في البصرة، لم يعد الحديث عن “حوادث فردية” مقنعاً لكثير من المتابعين فبعد مرور أشهر على مقتل الأستاذة الجامعية سارة العبودة على يد ضرغام عبد السالم التميمي، شقيق زوجة محافظ البصرة أسعد العيداني، تعود القضية لتطل برأسها مجدداً، لكن هذه المرة عبر جثة الطبيبة النفسية بان زياد، التي كانت شاهداً مهنياً محورياً في ملف القاتل.
التقرير الطبي المسرب لمقتل بان، الذي حاولت الجهات الرسمية تمريره تحت عنوان “انتحار”، كشف عن كدمات في الوجه والرقبة وآثار خنق واضحة، إضافة إلى جروح طولية وعميقة في اليدين حتى بروز العظم علامات لا يمكن أن تُصنف في إطار “الانتحار” بأي منطق طبي أو جنائي، مما جعل الإصرار على هذه الرواية الرسمية بمثابة رسالة تثير الريبة أكثر مما تطفئها.
المعلومات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي – وبعضها جاء على لسان النائبة السابقة رحاب العبودة – تؤكد أن الطبيبة بان زياد كانت المسؤولة عن التقييم النفسي لضرغام التميمي، وأنها رفضت منح تقرير يُثبت إصابته باضطراب نفسي، وهو التقرير الذي كان يمكن أن يوقف تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقه أواخر حزيران الماضي.
هذا الرفض، وفق مصادر محلية، وضع الطبيبة في مواجهة غير مباشرة مع دائرة نفوذ قوية، ليأتي مقتلها بعد أسابيع فقط من تثبيت الحكم النهائي على قاتل سارة العبودة، في مشهد دفع النائبة السابقة إلى التساؤل علناً: “هل بدأت تصفية من وقفوا مع الحق في قضية سارة العبودة؟”
الشارع البصري اليوم لا يرى في القضية حادثتين منفصلتين، بل خيطاً واحداً يمتد من دم سارة العبودة إلى دم بان زياد، مروراً بمحاولات متكررة لإغلاق الملفات تحت مسمى “القدر” أو “الانتحار” وفي ظل صمت السلطات وغياب تحقيق مستقل وعلني، تبقى المخاوف قائمة من أن تكون البصرة قد دخلت مرحلة خطيرة، عنوانها: تصفية الشهود والمواقف الشجاعة.
إن لم يُفتح تحقيق علني شفاف، فسيبقى السؤال معلقاً في أذهان البصريين والعراقيين جميعاً: من التالي؟